
بكى زيد حين جاء البر دوني ليستلف منه مصاريف السفر . يقول القاص زيد الفقيه : "كان البردوني مدعواً بصفته الشخصية وليس بصفته عضوا في وفد( إتحاد الكتاب والأدباء اليمنيين ) لحضور مهرجان ومؤتمر لاتحاد الأدباء العرب ، ولم يكن بحوزته ما يكفيه للبقاء بصورة لائقة في المهرجان . كيف يحدث هذا لشخصية بمقام الأستاذ البردوني وبهذا القدر من الجلال الثقافي والأدبي"انتهى كلامه . يبدو يازيد أنه لن يكون البكاء الأخير
.فحياتنا "بكاءات" لا متناهية. كالبكاء الجديد هذا :
-لا يليق ما سُمي بمهرجان البردوني" بذكرى رحيل شاعر كبير بحجم البر دوني . فقد نُسي البر دوني في المهرجان والذي استمر لأربعة أيام ، كان يبدأ في أحسن أحواله الساعة العاشرة صباحاً وينتهي الساعة الواحدة ظُهراً. نُسي البردوني في اليوم الأول بعد الساعة الواحدة . وفي اليوم الثاني ذُكر لمدة ساعة، دُعي خلالها الدكتور عبد الله البار للحديثِ يومها لكنه لم يلبِّ الدعوة، و أخذ أحفاد البردوني ما يجاوز الساعة لإلقاء أشعارهم . وفي اليوم الثالث للمهرجان- أرجو التركيز لمهرجان البردوني أقصد -نُسي تماما، فكانت الندوة حول الثقافة في عصر الإنترنت" عرض الجميع فيها إبداعاتهم الخاصة تماماً.! وفي اليوم الرابع والأخير أعلن منظمو "المهرجان" أن مفاجأة ستحدث : إذ سيلقي البردوني قصائد مسجلة بالصوت والصورة من أحد مهرجانات مسقط .(حصل عليها الإتحاد من جهات مختلفة ) مع أنهم لو تتبعوا المهرجانات التي شارك فيها البردوني وطلبوا من منظميها نسخا مصورة لما تردد أحد . لا أدري أين تكمن المفاجأة
! في المهرجان الهامش أيضاً، افتُتح معرضا لصور البردوني، ولم يُتعب القائمون عليه أنفسهم بكتابة تاريخ الصور ولا أسماء الشخصيات التي تقف أو تجلس مع البردوني .بالإضافة إلى خفوت الجلسات النقدية القليلة جداً التي روَّج لها منظمو المهرجان :بأنها سوف تطرق جوانب جديدة في شعر البردوني تسلط الضوء على عمق وخصوصية تجربته الشعرية –كما سمعتُ في الإذاعة. أو كما ذكرت صحيفة 22 مايو:"تظاهرة كبيرة في ذكرى قامة سامقة" بل هو قامة سامقة ، بعيداً عن ما يصنعون .فلو جمَعنا ساعات التظاهرة الكبيرة ، على حد قولهم . والتي خُصصت للبردوني لوجدنا أن الآخرين أخذوا مايزيد عن حقهم في أيام نُسبت للبردوني.
*البكاء الذي يليه :
بعد وفاة البردوني اختفت معظم كتبه من السوق ، وأصبحت بحكم النادر وإلى الآن بعد ثمان سنوات .لم تتعب وزارة الثقافة نفسها بإعادة إنتاج تراث البردوني وماخلَّفهُ لنا عن عمْد وتقصّد. بل حينما طُبعت أعماله الشعرية الكاملة وُجدت فيها أخطاء مطبعية لا تغتفر ،مقارنة بما صَدر لشعراء جيل جديد من أعمال كاملة لا تتجاوز مائة صفحة ، والأدهى من ذلك أنها طبعت طبعة ثانية بنفس الأخطاء ولم تُنقح أيضاً . كان البردوني يسعى ، بجهدٍ، لتخرج أعماله نقية من كل الأخطاء. لكن من سيُنقِّي أعماله. كان يحرص،داعماً لها، أن تصل أعماله لكل الناس بسعر رخيص . لكن بعد أن رحل من سيحرص لتصل للجيل الحاضر وللقادم بالطريقة التي أحبَّها. * لا يكفي أن نفرد الملفات التي تُظهر كم كان ظريفاً ،ولديه روح النكتة .ولايكفي أن يتطرقَّ لأعماله،نقداً، جيلُ لا يحب بعمق . كما تعوَّدت الأجيال السابقة.
*
بكاء أخير وليس آخراً
: قال اتحاد الأدباء والكتاب: أنه سيطالب في ختام المهرجان بإعادة طبع أعمال البردوني–بعد ثمان سنوات – أرجو أن تركز .والأعمال التي لم تطبع إلى الآن . وسيوصي الدولة بشراء بيته وتحويله إلى متحف . ربما هذا التفريط بحق البردوني نتج عن مشاكل صغيرة . لكن الحكمة اليمانية دائماً ما تغيب في مثل هذه المواقف.
وأعلنت أيضاً وزارة الثقافة : بعد ثمان سنوات من رحيله –أرجو أن تركِّز- عن إطلاقها في الأيام القليلة القادمة موقعاً الكترونياُ يحتوي نتاج البردوني الفكري والمعرفي تسهيلاً للباحثين ليتمكنوا من الاستفادة ، و التعرف على البردوني دون عناء . لا أدري بعد كل هذا العناء هل نصدق، أم نقول:طيبْ احلفوا !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق