السبت، مارس 29، 2008

إلى معالي وزير التربية والتعليم !


هذا مقال نشر في صحيفة المصدر الأسبوع الماضي ، محتواه يبين سبب كتابته ،يوم أمس أخبرني رئيس التحرير / الأستاذ سمير جبران ،بأن اتصالاً جاءه من مكتب الوزير يعاتبه على نشرالمقال ، وسؤاله عن من يكون كاتبه ؟ كنت أتوقع التعامل مع ما طرح في المقال بموضوعية وجدية ، حتى لا يتكرر وتعود المعاتبة ، لكنَّ يبدو أن توقُّعي كان أكثر تفاؤلاً ،


رسالة إلى معالي وزير التربية والتعليم: إنهم يبصقون في وجوهنا
25/03/2008

محمد الشلفي
لا أدري هل ستقرأ رسالتي هذه أم لا؛ فشخص لديه مسئولياتك ربما لن يجد وقتاً كافيا لقراءة رسالتي..!
معالي الوزير..
حاول ولو لمرة واحدة، أن تلقي نظرة على أقسام وزارتك، لترى كم هي بعيدة عن نمط قاعات الاجتماعات الفخمة، واتيكيت أصحاب البدلات الكاملة، والوفود. حاول ولو لمرة "تفقد" موظفي وزارتك، وسؤالهم سؤالاً واحدا: لماذا يبصقون في وجوه المواطنين "أصحاب المعاملات"؟
لا يحتاج الواحد منا سيادة الوزير لأكثر من ساعة واحدة "ليهان" في وزارتك. فمثلاً: في قسم صغير كالكنترول- وهو بالمناسبة المسؤول عن استخراج الشهادات، والمعاملات، والوافدين.. ومثل هذه الأمور التي تعرفها أكثر منَّا- يحدث التالي كل يوم بل كل ساعة من الدوام الرسمي:
يقف المواطنون أمام شباك كتب عليه: الشهادات، يجلس فيه موظفان أحتفظ بأسمائهما، ينشغلان بالأحاديث الجانبية عن خدمة المواطنين، وكلما حدَّثهم أحد المواطنين، يجيبون عليه بالسخرية؛ على اعتبار أنه يقاطع أحاديثهم -كما أعتقد تفسيراً لما يحدث- والرد يكون بصوت عالٍ: "ما تشتي مني؟" وسؤال آخر يلقيه موظف أنيق لمواطن: إيش.. عاتشترونا؟
سيادة الوزير، من الذي يجب عليه الرد على هذه الأسئلة التي يسألها موظفوك في الوزارة. من الذي يجب عليه تذكيرهم بأن رواتبهم التي يتقاضونها هي مقابل الخدمة التي يقدمونها للمواطن. وطالما يتقاضون مرتباً فيجب عليهم احترام أعمالهم ويجب عليهم احترام هذا المواطن. ويجب عليهم أن يؤدوا عملهم بدون تطفيف. لكن عكس الواجب هو الذي يحدث.فيهان المواطن ويستغل على أيديهم.
سيادة الوزير...
مايحدث في وزارتك يتعدى الإهمال في العمل، والتأخير في إنجاز المعاملات، إلى الإضرار بالناس شخصياً وهذا ما حدث معي، فبعد معاملة سيئة للغاية من أحد الموظفين، وجَّهتُ شكوى خطية لمدير الكنترول عن هذا الموظف. ستعرفه -إن قررت النزول ولو لمرة واحدة إلى المكان وتفقده - بجنبية وثوب يلبسهما كل يوم عندما يأتي إلى العمل. ألا توافقني سيادة الوزير أن لبس "الجنبية" في مكان العمل خطر على المواطنين. فلا يستبعد على من يلبسها من الموظفين أن يستخدمها ضد أحد "المعاملين". وهذا ما يجب أن تمنع حدوثه.
أعود سيادة الوزير إلى الشكوى التي كتبتها ثم سلمتها لنائب مدير الكنترول لعدم وجود المدير وقتها، وهذا نصها:
(الأخ / المدير...تحية طيبة، يذكر القانون:أن استخدام الوظيفة من أجل الإضرار بالآخرين، يوجب العقوبة. لكن الموظف الذي يدعى"...." في قسم الصندوق، خرق هذا القانون حين عمل على الإضرار بي وبالناس شخصيا كأضرار نفسية. فمثلاً: استغرق قطع سند 150 ريالاً يمنيا ربع ساعة. ومثلاً الردود الساخرة التي لا يقبلها أحد، وهو يستخدمها ضد الجميع. فأرجو النظر لهذه الشكوى بإنصاف، لأن هذه المعاملة تتكرر لمجرد أن نسأله سؤالاً بسيطاً، وأتحفظ على ذكر اسمي خوفاً من حدوث ضرر بي. المقدم: طالب)
لكن النائب برر قائلاً: هؤلاء موظفون غير رسميين، لا نستطيع أن نكلمهم بشيء مباشرة، فهم مرسلون من إدارة أخرى. بالتأكيد أنت على علم بمثل هذه الأمور سيادة الوزير. ردُ هذا النائب جعل الموظفين-جميعاً- في اليوم التالي يتعاملون بعدوانية واضحة لأنني تقدمت بالشكوى. ومازالت معاملتي إلى الآن:شهادة كرتونية، وشهادة بدل فاقد...عندهم. وقد دفعتُ قيمة الأولى 150 ريال، والثانية 1500، بينما طلب مني الموظف 1600ريال. لدي الآن شهادة ناقصة الإجراءات؛ لأن الموظف-كما يقول- لم يطابق الشهادات رغم المهلة التي أعطيت لي، وتتجاوز خمسة أيام، أما الشهادة الأخرى فما زالت لديهم من تاريخ 26/2/2008
ذاتهُ الموظف، أحتفظ باسمه: يكتب رقم تلفونه للناس ليتصلوا به خارج العمل لأخذ معاملاتهم. ويبرر مدير الكنترول هذا التصرف قائلاً: أحيانا تؤخذ بعض المعاملات إلى البيت لتجهيزها.
سيادة الوزير...
لا يشعر الموظف لديكم بأنه تحت الرقابة، وبأنه معرض للمساءلة في حال قصر أو أضر بالآخرين عن طريق وظيفته. فالموظف يتعالى على من هم دونه ويشتط في معاملتهم، كما يتعالى على الجمهور ويقابله بالصد أحيانا والنبذ الصريح أحيانا أخرى. وهو إن قام بما يفترض أن يقدمه من خدمات يعتبر ذلك منة من جانبه تجاه صاحب الحاجة، وليس واجبا تمليه عليه وظيفته.إنه يكاد لا يعترف إلا في حالات نادرة، بحق صاحب الحاجة من المواطنين في أن تلبى حاجته. وهو بذلك يكرر موقف رئيسه منه، وهذا الأخير يكرر موقف المسئولين الأعلى منه. ويتخذ الأمر بالنهاية طابع سلسلة علاقات استعلائية استعبادية، وليس شكل العلاقة المرتبية الرسمية التي تفرض واجبات وتضمن حقوقا لكل طرف وعلى كل مستوى "وهذا ما ذكره كتاب "التخلف الاجتماعي"لـ د. مصطفى حجازي:
"ويسكت المواطن المسكين لأنه يعرف أنه لو اشتكى فلا يوجد من ينصفه. ولأنه يخاف أن يضر به الموظف الذي سيشتكي به. يفقد المواطن الثقة بالقانون فيما لو تقدم بشكوى". يضيف د. مصطفى حجازي"والواقع أن الإنسان المقهور في المجتمع المتخلف يحس بالغربة في بلده، يحس بأنه لا يملك شيئاً، حتى المرافق العامة يحس أنها ملك للسلطة، وليست مسألة تسهيلات حياتية له هو. ذلك أن الهوة كبيرة جداً بينه وبينها وإن ما يستحقه من خدمات وتقديمات، تقدم له (إذا قدمت) كمنة أو فضل، لا كواجب مستحق له.
سيادة الوزير...
صحيح أن الأولى بي أن أكتب عن موظف البريد الذي أضاع ملفي وأنا أبحث عن وظيفة، وعندما قلت له هذا إهمال أجاب: إيش تحسب إنك باتتوظف اليوم الثاني؟ قدامك ثلاث سنوات. أو عن موظف جامعة صنعاء، عندما سألته عن زميله الغائب متى سيأتي، الساعة 11! فأجابني: بمزاجه، يأتي ليداوم في أي وقت. أو عن وزارة التخطيط التي يجلس في استعلاماتها موظفون يدخلون من يشاؤون ويمنعون من يشاوون. والعذر الوحيد هو أن الوكيل منع الدخول. أو عن موظفين موجودين في كل وزارة من الوزارات، وهم يتعاملون بنفس الطريقة. ولكنك معالي الوزير ترأس أهم وزارة من الوزارات. وتستطيع قراءة هذه الرسالة، إذا ما قرأتها، في اجتماع مجلس الوزراء، على رئيس الوزراء وبقية زملائك من الوزراء بكل شفافية.
سيادة الوزير...
يبدو أنني أطلت عليك.أتمنى ألا تكون أنت الآخر فاقداً الثقة بالقانون عندنا وبتطبيقه، وفي إمكانية التغيير والإصلاح. فنحن كمواطنين سنثمن ما ستفعله من أجلنا. لدفع ضرر موظفيك كل ساعة في كل يوم. هل يمكن سيادة الوزير أن تعيد للقانون ثقته بنفسه؛ فهم يبصقون في وجه القانون أيضاً..!
http://www.al-masdar.com/FullStory.asp?No=18&StoryID=868

ليست هناك تعليقات: