الأربعاء، مايو 07، 2008

القُبلة بنية الطعنة



قال لي صاحبي : إن المعارضة دائما ما "تُجارِر" على الشعب ، مضيفا إلى كلمة الشعب: البائس / المسكين / المغلوب على أمره / المؤدب / المهذب / الصادق / المُصدَق .
ثم أكمل حديثه : كلما صرَّحت المعارضة تصريحا ، أو خرجت بمظاهرة ، أو نفذت اعتصاماً احتجاجاً على الأوضاع المتدهورة ، أو حتى ظهر ذلك في ملامحها ؛ ترتفع الأسعار ، وبحسب وزن فعل المعارضة ، أو تقوم السلطة بإطلاق مبادرات لإصلاح العالم من حولها، أو تعدل قوانين من شأنها العدول عن الوضع القديم إلى وضع أكثر أماناً ، توطيداً للحكم الرشيد ومنعاً لكل من تسُّول له نفسه المساس بكبريائه التي تطاول السماء .

جولات جديدة في كل مرة ، تقوم السلطة بإخراج لسانها للمعارضة ، فما تعديل قانون المحليات إلا لسان طويل ليذكر المعارضة بخطأ إهمالها لانتخابات المحليات السابقة، التي فاز بها الحزب في السلطة بأغلبية ساحقة ، وهو ما أتاح لها فسحة للهروب من أزماتها المتلاحقة . أما المعارضة فبعد كل ابتكار من ابتكارات السلطة فتعود من "ألف لا شي له " فهي لا تملك ابتكارات سريعة وبنفس المستوى.

من آخر هذه الابتكارات المذهلة أيضاً، تعديل قانون العقوبات.. تصدياً لكل من يحاول أن يتحدث عن الحكومة والوزراء والجيش والرئيس، أما من يحدد بالضبط أن هذا الحديث أو ذاك تعدى إلى المساس بالوحدة، والأمن، فهذا متروك للخصم الذي يلعب دور القاضي في كل الأحوال.

تعديل القانون ظاهره الرحمة، وباطنه: أن الشعب بدأ يعي حقه، بينما المطلوب منه أن يعيش كالغريب وعليه أن يكون مؤدباً (في التعامل مع أسياده ) وهي الكلمة التي قيلت لأحد الصحفيين ذات اختطاف.
المطلوب من الشعب أن يسبح بحمد السلطة ليل نهار ، ويحمد ربه أن من عليه بسلطة تحمي كرامتها فتضرب بيد من حديد ، لكنها بالمقابل لا تحمي كرامته المهدورة في الداخل والخارج ، ولا تعمل على محاسبة من يسئ إليه وينتهك حقوقه .

لم نسمع عن تعديل قانون يحمي دم الإنسان اليمني الذي لا تتساوي قيمته، بل كل له ثمن مختلف حسب المكان الذي ينتمي إليه. لم نسمع عن قانون يحفظ أو يدافع عن كرامة اليمني الذي يهان ويقتل وأخيراً يحـرَّق على الحدود السعودية. لم نسمع بقانون يعدل ليعاقب استغلال هذا الشعب من قبل الفساد الجاثم على صدره.

كل القوانين المعدلة ليست إلا تهربا من المشكلات وترحيلاً لها إلى الأمام لنصادفها مرة أخرى بشكل آخر . فالمعروف أن هذه السلطة قائمة على أفضل الأنظمة السياسية ، ولديها قوانين تضاهي أجدع قوانين أعظم دولة في العالم . فالمشكلة إذن ، ليست في القوانين بل في من بيدهم تطبيقها .

لم يعد هذا الشعب يثق بهذا السلطة ، فهي كالكتاب المفتوح الذي يفهمه أكثر من أي شيء في حياته ، وإلا لماذا كلما مرَّ بأحجار أساس ، فإن أول من يتبادر إلى ذهنه :"الله يعلم كم سرقوا " الشعب يتذكر السلطة الهشة في التفاصيل الصغيرة والكبيرة .عند كل تقرير دولىأو محلي... عند كل شارع محفور ، عند كل جسر طويل الأمد ، عند كل موظف يطلب رشوة ، عند كل تأخير في معاملة ، عند كل تاجر جملة جشع ، عند كل قسم شرطة ، عند كل محكمة قاضيها في النار ، عند كل جولة يكثر فيها سواد المتسولين ، عند كل انطفاء منتظم للكهرباء وانقطاع للماء ، عند كل مدرسة بدون مدرسين ، عند كل مستشفى بدون خدمات ...فهو محاصر بإخفاقاتها ، بلا مبالاتها، بعجزها.

أما التعديلات، والقوانين المستحدثة، والهيئات، واللجان الكثيرة. فما هي إلا كما قال الشاعر شيللر في مسرحيته "قطَّاع الطرق" : قبلة على الشفتين وطعنة في القلب !

هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

أتدري...أنا حالتي في السياسه كاحالتك في اللغه الفرنسيه..أنا أعلم بأنك لابأس فيك مع اللغة الأنجليزيه...ولكن حقا هناك وضع خاطئ في السياسه بشكل عام في كل انحاء العالم....تحياتي..أدع لي في كل صلاة

اوسان يقول...

معارضه فاشله
وشعب مخبول
وحكومة مقيل وقات مش اكتر...

محمد الشلفي يقول...

ربما نحن اليمنين أكثر من يتحدث في السياسية، منذ قديم الزمن . لا شيء يجعلك تشعر بذاتك سوى السياسية، ثم يأتي بعدها كل ما شيء.

في المحاولات للهروب منها تتبعك في كل مكان، كل ألم في حياتنا سببه السياسة وما أكثر الآلام . هذا ربما يكون محصور في اليمن والدول العربية ، ماذا عن العالم . كل جزء بحسب سياسييه .

شكراً لكــ ، ليبارك الله

محمد الشلفي يقول...

أوسان :

لو سلمنا بما كتبت ، وبما أننا يجب أن نعيش الواقع، ومافُرض .

فعلينا أن نرى من هو أقل فشلاً، وأقل خبلاً، وأقل استهتاراً لنقف بجانبه. أو لنتبنى ما يقول أو بعضه !

لا بد أن هناك من هو "أقل ضرراً"

شكراً لك