الاثنين، فبراير 01، 2010

يال عدن





المصدر أون لاين

أدهشت بيكين العالم في 8 أغسطس 2008 وهي تقدم لوحة فارهة في افتتاح "أولمبياد بكين" فالشعب الذي صنع حالة سلم لنفسه من خلال تعريف الآخر بقدرته على المواجهة، أبدع افتتاحية فنية طار بشعلتها لا عب كمن يقول : باستطاعتك التحليق في السماء كالطيور إن أنت آمنت بنفسك. لم تكتف الصين بغزو العالم بصناعاتها التي دخلت كل بيت في الأرض فقد أصبح الكتاب الصيني هو الأعلى مبيعا عالميا وأكثر الكتب ترجمة للغات الأخرى. يحرص القادرون على إعمار الأرض بمعاني التنمية على بناء الإنسان وإحياء النفس أما صناعة الحرب فهي الوسيلة الأسهل للبقاء.

ثمة مدن تملك القدرة على الإبهار وإذا كان ثمة مدينة يمنية قادرة على ذلك. كمهمة صعبة لا يجيدها سوى المتجاوزين. فهي مدينة عدن الساحرة الهادئة التي تحتفظ بإرث لم ينضب حتى اليوم. فالمدينة التي مثلت ذات يوم قبلة للطامعين وصناع الموت مثلت قبلة للعمال والحالمين والبسطاء والمحرومين، والمدينة التي استوعبت الطغاة والمتمترسين استوعبت أيضا الثائرين والمحبين وكما استوعبت الأدعياء والمرتزقة فقد استوعبت المخلصين والشهام. اتسعت لكل هؤلاء لتقول لنا أن المدن العظيمة هي التي يوجد كل شيء فيها بقسط.

وبرغم ما مرت به إلا أنها لم تتخل عن وجهها الجميل وروحها المتوهجة، ومازالت تملك نواة لحالة سلم بإمكانها الوصول إلى كل جزء يجاورها. ففي عدن تأسست أول دور عرض للسينما في الجزيرة العربية كانت تضاهي تلك التي في أوربا، وفيها أهم موانئ العالم وفيها كانت "التواهي" أهم منطقة اقتصادية في الشرق الأوسط وفيها أسست أول شركة إنتاج للاسطوانات في الجزيرة العربية. وفيها أنشئ أول المسارح العربية وبها أبدع فن غنائي أصبح منبعا لمحيط أبعد منها، كل هذا التاريخ قد لا يتطلب جهودا كبيرة لإحيائه بل هي فقط عملية إزالة للغبار لا أكثر.
حالة حاضرة اليوم -استدعت كل هذا- قادمة من هناك تتمثل بالفرق المسرحية التي تمتلئ بها عدن. فمنذ ثلاثة أعوام عرفتنا عدن على فرق مسرحية تتعامل مع المسرح باعتباره فنا يصنع الشعوب ويسمو بها. هذه المدينة طالما كانت ولادة بالفن والإبداع والجمال تقدم اليوم رغم الظروف نواة جيدة لمسرح ولمسرحيين جدد يحبون المسرح يقدمونه بدون خوف أو حياء على عكس ما تعودنا عليه في صنعاء وتعز من مسرح لا ينقل الحياة التي هي مزيج من شرائح مختلفة بل ينقل جزءا منها. وهنا دعوة لمشاهدة مسرحية "عائلة دوت كوم" ومسرحية "بشرا سارا" ومسرحية "حلا حلا يستاهل "للمخرج والمؤلف مدير فرقة خليج عدن عمرو جمال ومسرحيته الأخيرة "معاك نازل"، ومسرحية "عائلة محترمة جدا" لفرقة عدن. وكلها مسرحيات قدمها شباب أثر فيهم إرث قديم طمر بفعل الزمن. وهي دعوة أيضا لترك المدينة تقدم نفسها بطريقتها المعتادة بدون عقبات ليزدهر كل ما هو قريب من الروح، وليعم السلام الأرض.

هناك تعليق واحد:

maria يقول...

هذه هي عدن..تفضل المقاومه على المقامره
عدن وحدها علمتني العشق..وكان البحر سيد الأدله

كلامك رائع..