
كان هادئا ، يرى كل شيء جميلا فينعكس ذلك على صفحة روحه . هكذا بدا لي على الأقل في حوار نشرته الثقافية في عدد سابق.
قبلها بأيام ، رأيته يجلس في مكتبة مؤسسة العفيف، بينما كنت أفتش فيها، بدا ظهره منحنيا ً وهو يردُّ بتواضع على أسئلة من حوله. ولأسباب لا تبدو لي جوهرية لم أسلِّم عليه.
في الحوار الذي نشر في ملحق الثقافية ، متضمناً جملة قالها الشاعر الكبير إبراهيم الحضراني؛ جعلتني أدنو منه لأعرف من يكون . ففي رده على سؤال عن رأيه حول ما يُعلن عنه البعض من تعصبٍ للون شعري دون آخر . يقول:" أنصح أولادي أن يتركوا هذه الاحتكاكات التي تشغلهم عن الإبداع وتحولهم من شعراء وأدباء إلى محامين لغير ما قضية" وكأنه يصححُ عنوانا لمشهدٍ اُختير له عنوان آخر.
هكذا عليهم أن يتعلموا كيف يهملون الطرفَ المستفز "حراس المقابر" ، كما يسميهم سارتر في كتابه "مالأ دب" . شيء غريب أن يتحوَّل البعض وبدون داع لحرَّاسِ مقابر!
بالمناسبة، قرأتُ في مقابلة أجريت مع إحدى الشاعرات تقول: بعض الشعراء يكتبون شعيراً لا شعراًً"! كان علي حينها كتعبير مناسب ،أن أزمَّ شفتي َّمستغرباً .
أتذكر أيضا حواراً أجري مع الشاعر علي المقري.وكان ضمن الحوار سؤال يقول : "وبماذا تفسر الفوضى الحاصلة الآن، واختلاط الحابل بالنابل والغث الشعري بالسمين؟ وفي رد الشاعر المقري :
أنا مع الناس أن يكتبوا ما يريدون، ليكتبوا شعرا تافها وآخر يكتب ما يريد، في الأخير الناس أحرار وحقهم في التعبير لا بد أن يتحقق في الكتابة وبالشكل الذي يريدونه.. بعد ذلك من حق أي أحد أن يقول رأيه في هذا المنجز الشعري الجيد أو التافه. القول أو الحكم عن هذا الشعر هو جزء من حرية التعبير"
أنا أتفق مع جزء مما جاء به الشاعر المقري، وأختلف معه في الجزء الآخر. هل نحنُ أمام حقائق يتفق عليها الكل ؟ في مثْل الشعر لن تكون هناك نهاية . وبالتأكيد؛ لا يصحُّ لشخص أن يصف ما يقدمه أحدهم بالتافه . هذا ما أعتقده أنا على الأقل .
ليس على الإنسان ،بخاصة الشاعر ،أن يخوُّف الآخرين يراه الشاعر الكبير إبراهيم الحضراني :
"أيها النبع ، أنت تشبه قلبي /حين تُعطي ولا تمل عطاءَ/وسواء عطاؤنا منح الأرض/ربيعاُ ، أوضاع فيها هباءَ/القلوبُ الظماء نمنحها الحب/ونعطي لليائسين الرجاءَ/ما خُلقنا إلا لكي نسعد الناس جميعا، ونسعد الخضراءَ ।
هذا أنا أيضاً، ولا قضية ! كان علي فقط أن أودِّع هذا الراهب الذي انتقل لعالم خالد يحبُّه كثيراً.
لا الدهر يسعفني بما أهوى ولا
هذي الحياة بها فؤادي يكتفي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق