قبلها شعرت بأنني أريد أن أفعل كما تفعل النائحات ، أجهز يدي وأبدأ باللطم على وجهي ، وكما يفعل العاشقون ، ألطم صدري .
فهذه البلاد كفيلة بأن تجعلك كذلك !
استمعت لكلام مسئول التوظيف بحذر ! وبدوت كطبيب حين شككت في كل ما يقوله : إن شاء الله سوف نتصل بك . وكلانا يعرف أن الأمور لا تسير كما يقول ، فهي أسهل ،وأصعب مما تصور .
بعدها خرجت بوجه منكمش لاتعرفه سوى الوحدة . وبدون ترتيب قادتني رجلاي إلى مؤسسة العفيف . إنها الساعة الرابعة لعصر يوم ثلاثاء حين أشرقت فجأة مع صدفة خير من ألف ميعاد . دخلت من البوابة متهجا إلى قاعة "الفعاليات" . بحثت في القاعة الممتلئة تماما عن كرسي فارغ فوجدتها في مقدمة الحضور . كان الكرسي لا يزال دافئاً.
كان يقف على المنصة "مسئول الفعاليات الثقافية" صاحب الصوت الدافئ الإعلامي عبد الله الحيفي ، مقدماً لفعالية افتتاح البرنامج الثقافي للمؤسسة لعام 2008 ، وبالقرب منه الأستاذ عبدالباري طاهر المدير التنفيذي . أحدهم يعلن أسماء من كان لهم دور في نجاح الفعاليات الثقافية للمؤسسة للعام الفائت 2007 ، والآخر يسلِّم شهادات التقدير لهم . حتى أؤلئك الذين عرفوا بالحضور المستمر في الفعاليات تم تكريمهم ، وهذه الأخيرة لفتة جميلة لم تحدث من قبل .
كان لزاما على وجهي أن يتمدد وعلي أن أشرق ؛ هناك مكان أستطيع أن أترك من أجله مجلس القات ، حتى ليوم واحد . أستطيع أن آتي هنا دون أن أُُُحسب على أحد ، إنه شيء فريد في بلادنا !

· المهم في مشوار مؤسسة العفيف ،أن الذي يديرها الأستاذ أحمد جابر عفيف ، صاحب شخصية محبة للثقافة ، والمعرفة. له قدرة على تغيير الأرض الجدبة إلى خصبة أشعل شمعة ولم يلعن الظلام. وهذا ما أعطى المؤسسة الإستمرارية كل هذه السنوات ، دون توقف ، واستطاعت أن تكتسب احترام الجميع مهما كانوا.
"من الخدمات التي تقدمها المؤسسة كما جاء على موقعها الإكتروني: إصدار ونشر الموسوعة اليمنية .مكتبة عامة للمطالعة الحرة · نشر الإنتاج الثقافي النوعي · تفعيل الحياة الثقافية من خلال إحياء فعاليات ثقافية متنوعة كل يوم ثلاثاء .الدعم الإداري المتمثل في توفير المقر وخدمات الطباعة والصف والتنضيد والتلفون والفاكس وصندوق البريد لعدد من الجمعيات مثل : الجمعية الوطنية لمواجهة أضرار القات . الجمعية اليمنية لحماية المياه . جمعية مكافحة السرطان اليمنية . ترحب مؤسسة العفيف الثقافية بالراغبين والمهتمين من المفكرين والعلماء والمهنيين والمؤسسات الرسمية والمحلية والإقليمية والدولية والجمعيات والمنظمات غير الحكومية، في الإطلاع على أنشطتها وفعالياتها وندعوهم للاتصال بنا"
يتضمن البرنامج الثقافي للمؤسسة لسنة2008 ، فعاليات متميزة ، تطرح خلالها قضايا مهمة من قبل كتاب ، وباحثين ، وصحفيين ، وأدباء .. من هذه الفعاليات التي تقام بشكل ثابت كل ثلاثاء من كل أسبوع:
(تحرير الإعلام ودمقرطة اليمن (محمد عبد الملك المتوكل، رؤوفة حسن، عبد الباري طاهر) - دور المجتمع في بناء الحكم الرشيد (فؤاد الصلاحي) -مستقبل الثقافة اليمنية (هشام علي بن علي)- أزمة النقد في اليمن (عادل الشجاع) - الزبيري والنعمان ونضالهما الوطني (عبد الكريم قاسم، قادري حيدر) -المشاركة السياسية للمرأة ونظام الكوتا (حورية مشهور) -تجربة في الكتابة (نبيلة الزبير) نشوء وتطور منظمات المجتمع المدني بعد الوحدة (أمل الباشا) -الإعلام والتنمية (جميلة علي رجاء، نبيل الصوفي) -الوعل في الحضارة اليمنية القديمة (محمد عبد الله باسلامة) -إستراتيجية القوى وسياسية المقاومة في الشرق الأوسط (محمد عبد الله الحيفي) -الوحدة والتطور الثقافي (حسن اللوزي، سامي غالب) -براكين اليمن (محمد عبد الباري القدسي) -المرأة وقضايا العصر (أحمد الوادعي، بلقيس أبو أصبع، وميض شاكر، سهى باشرين) - ذكرى وفاة الشاعر عبد الله البردوني (الحارث الشميري) رؤية نقدية للعمارة في مدينة صنعاء (نادية الكوكباني، آمنة النصيري) -الإصلاحات السياسية في اليمن (عبد الباقي شمسان) -الأضرار الصحية لتناول القات (أحمد الحضراني) -أفريقيانية اليمن الموسيقية (نزار غانم) -ويتضمن البرنامج كذلك أمسيات أدبية متنوعة يشارك فيها (محمود الحاج، علوان الجيلاني، جمال جبران، عبد العزيز البغداد، ماجد المذحجي)
رغم كل هذا المجهود ،تبقى التساؤلات.. كم من اليمنيين يعرف هذه المؤسسة التي تكاد تُعادل وزارة الثقافة ؟ لماذا لا يتم أيضاً توسيع نشاط هذه المؤسسة في أكثر من محافظة يمنية ؟لماذا لا يُعلن لفعالياتها في اللوحات الضوئية في الشوارع ، وتشارك في دعم مثل هذا الشركات الخاصة التي تقف على جيوبنا . لماذا لا تكاد الصحف تنوِّه لفعالياتها إلا بداية كل عام ؟ فالمؤسسة بحاجة إلى إحداث نقاة أكبر في عملها وتوسيع نشاطها . هذه مؤسسة ثقافية على رأسها رجل يفعل الخير، هنا بقعة ضوء ، لماذا لا نأبه ؟ ونعمل حتى تتسع .