
الشاعرة "ليال نبيل" رحمها الله غادرت عالمنا العام الفائت ، تاركة عملاَ "تحت شجرة أرز" تولى إصداره ، كما صدَّر له الشاعر مروان الغفوري :
تصدير:
سالي نبيل هو الاسم الرسمي للمبدعة ليال عاشت بهما معاً في غفوة قصيرة من العالم (14 – 9 – 1983 إلى 16 – 2 – 2007 ). ومن تحت شجرة أرْز اقتربت ليال نبيل من الإنسان ، من جوهره الفرد ، من دخانه وناره ، من لاوعيه ولامعقوله ، من ثيماته الوجودية بكل تنويعاتها، فقطّرته " دمعة دمعة ، وضحكة ضحكة " أو هكذا أرادت من خلال تشغيلها للموجودات، الشيء والإنسان، في نصوصها الكثيفة. وباختيارها لظلّ شجرة أرز فإنها لم تكن تعلن عزلتها الاختيارية، وإن بدت التماعاتها الفنية شبيهة بلزوميات رهين المحبسين من ناحية تحسسها لتحتيّات الأشياء وتشابه الأضداد ووقوفها في اللحظة الفارقة بين الممكن والمستحيل، الحب والخيانة ، والفناء والديمومة فهي لم تكن تقدّم موقفاً ثابتاً تجاه حركة الكون، بل تتمدّد معه، تهدِمه وتبنيه من لحظتها شديدة الكشف، عالية الإشعاع ، شاسعة الفيوضات، ومن مكانها الذي هو حدسها العرفاني المجاوِز. مكانها ، تحت شجرة أرز، الذي اشتغلت على دمجه بالزمن كمعادل نفسي ليقينها العميق بقصر بقائها في منتصف هذا العالم، حين أن أعلنت : عندما يتوقف الزمن عن الحركة يستحيل إلى مكان. وهو يقينٌ تكشفه ثيمة الموت، التي أصبحت أهم لازمة، موتيفة، في نصوصها جسّت بها جوهر الحياة حتى استطاعت في لحظتها الأخيرة أن تدجّن الموت تماماً وتعبَره دون أن ينجرح أي منهما بالآخر .. وعبقريٌ أن يكون آخر نصّ كتبته هو << تحت سماء في مدينة ليست للناس >>. لتغلق بابها القديم على شجرة أرْز تسكن مواقيت العالم، وتحفظ شخوصه الأبديين : اللص، الفقير، الفدائي، الديكتاتور، المقموع ، التائه، المحب ، النخيل ، الزيتون .. وهم يزدحمون في أمكنة ليال المضاءة : المدينة ، القبيلة ، المنفى ، الشرفة ، عين الجندي ، تقرير المخبر، إضبارة المحب.من تحت شجرة أرْز ....مروان الغفوري.
عن دار " اكتب" للنشر والتوزيع ، الكتاب يقع في 130 صفحة ، يحوي أهم نصوص الذاكرة المضيئة ، شديدة التكثيف، لليال نبيل ، عبر جملتها اللا نهائية من الرشح والوميض الفنّي شاسع الدلالة... اللهم اغسلها بالثلج والرضوان، آآآآمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق