رغم قلًّة الحضور ،
وكنت أنا أفقد الأمل ،
حين تأخر الحضور عن تلك الأمسية بالذات ،
لكنهم في النهاية أتوا ،
صدقوني
كان اليوم زاهياً بهؤلاء ،
الشاعرة الفلسطينية أمل اسماعيل
كتبت عن ذلك اليوم التي كانت أحد ضيوفه ،
وأنا أنقله هنا ، عن مدونتها ، رحيق
شكراً أمل ، وإن أتت متأخرة
أمسية لنا
(المركز الثقافي اليمني، طاولة تنتظر، وجوه، نسكافيه متأخر جدا، أبي، أحمد، قرنة.. ننتظر)
6 يــوليــــو 2006
09:35 مســـــاء
بتوقيت القاهــرة
نهارنا بلا مواعيد أو زيارات.. لذلك تسوقنا بحماس، واشترينا معدات المقلوبة، من خضار وغير ذلك. يتعرف أبي إلى الناس الطيبين.. وتنفتح ذاكرته على الماضي الجميل، والحاضر الذي يحتفظ في بعض تفاصيليه بتلك الرائحة من الحنين. نبدو متفائلين معا.. مشرقين.. نتنفس القاهرة كما تحب أن تكون.
.. نجلس في انتظار بقية الحاضرين لنستهل الأمسية الشعرية التي تنظمها رابطة "نون".. وبما أننا من رابطة "كاااااااااف".. ضيوفا، فسوف نشاركهم جريمتهم الليلة. هي فرصة أن نتعرف أيضا إلى رفقاء حرف لم يسعفنا الحظ للقائهم في أيام وصولنا الأولى. سيحضر هذه المره كل من محمود عزت، وخالد عبد القادر، إضافة إلى الآخرين.
تمنيت لو أن الأمسية في الهواء الطلق؛ فنسمة النيل حنونة جدا في الخارج، لكن يبدو أننا سنتنفس شعرا فقط.
يحضرون..
يبدو محمود عزت مألوفا جدا.. كابتسامة طفل أبيض. خالد عبد القادر.. ترسمه الخطا وعلى وجهه تتصفح ابتسامة ترحال، وشقوة ساخرة. أشعر بالفخر لأني أكبر منهما.. وأن بإمكاني استيعاب هذين الشخصين كـ"خالة".. ولو رمزيا!! لماذا الآن أتذكر "قطر الندى".. و...."حفيدي"... في البحرين!
الشاي لا يفارق محمد قرنة منذ البدء.. ربما سأحقد عليه، فإدمان الشاي خاص بي جدا.. لماذا يسرقه مني الآن؟ لكن.. شاي مصر يختلف عن الشاي الذي أشربه! إن شايهم أسود حد الموت.. وشاينا شفاف بريء!
أبي لا يبدو مرتاحا شيئا ما.. إنه قلق القصيدة يتأجج فيه.
يقدم محمد الشلفي، الأمسية. ويمتطي أبي صهوة القصيد. ينفعل ويتشاطر أحرف القصيدة مع ملائكة الشعر.. لا شياطينه. ونصمت كأن على رؤوسنا الطير وهو يكفر بالكلمات والقصائد التي لا تسمن ولا تغني من جوع. إنه يبحث عن همه.. عن همنا جميعا.. فأين هو يا ترى ذلك النصر المؤجل؟!
محمد قرنة يفاجئني بثبات ورباطة جأش.. يحفظ قصائده ولا حاجة لأن تمرر أبناءه عليه ليوزع عليهم أرغفة الخبز بالتساوي. يناولك قصائده كأنه يرتقي سلما. أحسده لأنه يحفظها بهذا النسق وبهذه النوتة الموسيقية المؤداة بعناية.
ينتهي كما بدأ.. لا تحس أنك استمعت إلا إلا نسيم النيل.. قبل العاصفة.
لا أجلس على الكرسي- كالعادة – فأقف – بغير اتفاق مع أبي الذي يبدو أنه هو الآخر لا يجلس في حضرة الشعر. أختار قصيدتين.. ويبدو أن كل واحد منا اختار اثنين من أبنائه. "وطن للبيع"، و"حقيقتنا". بينما أتصفح وجوههم وأنا ألقي القصيدتين.. أحسست كأني أنثر رمل الوطن على جنود يتأهبون لخوض معركة الحسم. تنقلب صفرة الوجوه إلى حمرة مشبوبة بالحذر.. تنكمش المسافات.. تنكمش.. تنكمش.
أعود إلى مقعدي.
محمود عزت في قصائده كما هو في شخصه.. تنعكس رقراقة وتنساب من بين أصابعه، خجولة، فرحة، تقطر طيبة. أحسه سيترك قصائده على الطاولة ويركض تاركا الجميع.. ليسحب طائرة ورقية إلى السماء السابعة.
تشتعل، دون أن تحس بحرارتها المتسربة إليك. هكذا قصائد يزيد الديراوي عندما يكون على المنصة. في البدء أحسست أني سأغمض عيني على كارثة.. تتسرب الانفجارات إليك، والدبابات، والعساكر. يلعب (شرطة وحرامية) فلا تعرف إن كنت الشرطي أو الحرامي. حاولت أن أذهب بعيدا إلى فلسطين عبر كلماته. لم أستطع.. ألجمتني المسافة. فسكت.
ختم محمد الشلفي الأمسية. أجمع الكل على براعته، وعلى جمال حرفه وبهاء طلعته. فقد كان له نكهة أخرى ومزاج رائق آخر يدق بيد كلماته على باب الحلم.
وصلني كوب النسكافيه متأخرا.. شربته على عجل، فأبي استعجل الخروج كيلا نثقل بحضورنا على المركز.. كانت الساعة الحادية عشرة ليلا. تمشينا على طول النيل، تفرقنا في إحدى نواحيه. وعدنا أدراجنا إلى طلعت حرب.. وهو يبتسم.
6 يــوليــــو 2006
09:35 مســـــاء
بتوقيت القاهــرة
نهارنا بلا مواعيد أو زيارات.. لذلك تسوقنا بحماس، واشترينا معدات المقلوبة، من خضار وغير ذلك. يتعرف أبي إلى الناس الطيبين.. وتنفتح ذاكرته على الماضي الجميل، والحاضر الذي يحتفظ في بعض تفاصيليه بتلك الرائحة من الحنين. نبدو متفائلين معا.. مشرقين.. نتنفس القاهرة كما تحب أن تكون.
.. نجلس في انتظار بقية الحاضرين لنستهل الأمسية الشعرية التي تنظمها رابطة "نون".. وبما أننا من رابطة "كاااااااااف".. ضيوفا، فسوف نشاركهم جريمتهم الليلة. هي فرصة أن نتعرف أيضا إلى رفقاء حرف لم يسعفنا الحظ للقائهم في أيام وصولنا الأولى. سيحضر هذه المره كل من محمود عزت، وخالد عبد القادر، إضافة إلى الآخرين.
تمنيت لو أن الأمسية في الهواء الطلق؛ فنسمة النيل حنونة جدا في الخارج، لكن يبدو أننا سنتنفس شعرا فقط.
يحضرون..
يبدو محمود عزت مألوفا جدا.. كابتسامة طفل أبيض. خالد عبد القادر.. ترسمه الخطا وعلى وجهه تتصفح ابتسامة ترحال، وشقوة ساخرة. أشعر بالفخر لأني أكبر منهما.. وأن بإمكاني استيعاب هذين الشخصين كـ"خالة".. ولو رمزيا!! لماذا الآن أتذكر "قطر الندى".. و...."حفيدي"... في البحرين!
الشاي لا يفارق محمد قرنة منذ البدء.. ربما سأحقد عليه، فإدمان الشاي خاص بي جدا.. لماذا يسرقه مني الآن؟ لكن.. شاي مصر يختلف عن الشاي الذي أشربه! إن شايهم أسود حد الموت.. وشاينا شفاف بريء!
أبي لا يبدو مرتاحا شيئا ما.. إنه قلق القصيدة يتأجج فيه.
يقدم محمد الشلفي، الأمسية. ويمتطي أبي صهوة القصيد. ينفعل ويتشاطر أحرف القصيدة مع ملائكة الشعر.. لا شياطينه. ونصمت كأن على رؤوسنا الطير وهو يكفر بالكلمات والقصائد التي لا تسمن ولا تغني من جوع. إنه يبحث عن همه.. عن همنا جميعا.. فأين هو يا ترى ذلك النصر المؤجل؟!
محمد قرنة يفاجئني بثبات ورباطة جأش.. يحفظ قصائده ولا حاجة لأن تمرر أبناءه عليه ليوزع عليهم أرغفة الخبز بالتساوي. يناولك قصائده كأنه يرتقي سلما. أحسده لأنه يحفظها بهذا النسق وبهذه النوتة الموسيقية المؤداة بعناية.
ينتهي كما بدأ.. لا تحس أنك استمعت إلا إلا نسيم النيل.. قبل العاصفة.
لا أجلس على الكرسي- كالعادة – فأقف – بغير اتفاق مع أبي الذي يبدو أنه هو الآخر لا يجلس في حضرة الشعر. أختار قصيدتين.. ويبدو أن كل واحد منا اختار اثنين من أبنائه. "وطن للبيع"، و"حقيقتنا". بينما أتصفح وجوههم وأنا ألقي القصيدتين.. أحسست كأني أنثر رمل الوطن على جنود يتأهبون لخوض معركة الحسم. تنقلب صفرة الوجوه إلى حمرة مشبوبة بالحذر.. تنكمش المسافات.. تنكمش.. تنكمش.
أعود إلى مقعدي.
محمود عزت في قصائده كما هو في شخصه.. تنعكس رقراقة وتنساب من بين أصابعه، خجولة، فرحة، تقطر طيبة. أحسه سيترك قصائده على الطاولة ويركض تاركا الجميع.. ليسحب طائرة ورقية إلى السماء السابعة.
تشتعل، دون أن تحس بحرارتها المتسربة إليك. هكذا قصائد يزيد الديراوي عندما يكون على المنصة. في البدء أحسست أني سأغمض عيني على كارثة.. تتسرب الانفجارات إليك، والدبابات، والعساكر. يلعب (شرطة وحرامية) فلا تعرف إن كنت الشرطي أو الحرامي. حاولت أن أذهب بعيدا إلى فلسطين عبر كلماته. لم أستطع.. ألجمتني المسافة. فسكت.
ختم محمد الشلفي الأمسية. أجمع الكل على براعته، وعلى جمال حرفه وبهاء طلعته. فقد كان له نكهة أخرى ومزاج رائق آخر يدق بيد كلماته على باب الحلم.
وصلني كوب النسكافيه متأخرا.. شربته على عجل، فأبي استعجل الخروج كيلا نثقل بحضورنا على المركز.. كانت الساعة الحادية عشرة ليلا. تمشينا على طول النيل، تفرقنا في إحدى نواحيه. وعدنا أدراجنا إلى طلعت حرب.. وهو يبتسم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق