الأربعاء، أبريل 25، 2007

أنسي الحاج


يكفيني من الشعر ، أن يجيب على أسئلة الكون ، إجابات يقينية أو محتملة ، و يعلـِّم الجمال للنفس البشرية فتكون بحاجة إليه لتستريح .



الأعمال الكاملة التي صدرت عن قصور الثقافة في مصر للشاعر الكبير أنسي الحاج جعلتني أتلامس مع هذا الشاعر لأول مرة . يعض بشدة على اللغة ، ويحتفي بها احتفاء يقينياً . وفي مقدماته للأجزاء يبدو حاداً تجاه الجميع . يتحدث ، فيلقي عليهم آراءه العابرة ، كمن يقول أنا / نحن هنا .

في الجزء الأخير" خواتم " وهو كتاب في التأمل الفلسفي والوجداني ،كما يذكر ، يـَقدُم إلينا أنسي الحاج كرجل حكيم بثنائيات ،نتأكد فيما بعد أنها حقيقية تماماً ، أو العكس إن لم نقابلها من قبل .

مختارات من "خواتم"




***

ما قهرني دائما هو أن الآخرين لا يحبونك إلا لعطائك ، لنتاجك ، لنتائجك ...لا بكسلك وعقمك . لا بعدم جدواك لا بوجودك المجرد ، مجانا . لا لشيء غير أن يحبوك ليمتعوك بحبهم .


*



الرشد أسرُ الخيال ولكنه أسرٌ يستغيث بسجينه

*

تتحدث عن عطائك ... تساءل : لماذا لا تعرف طعم الفرح ، الفرح المقيم ولو قليلاً ؟
أليس لأنك ضنين بنفسك ، تأخذ حين تظن أنك تعطي ، وعطاؤك الصغير المحسوب ، تطنه أنت كبيراً وبلا حساب ؟
تتحدث عن العطاء ،
تقصد عطاءهم لك .

*

في نظرك ، أيها الحريص العديم الحب ، قبولك هو العطاء .

*

ما أكره من يراقب حاضره في ضوء غده ّ وكم أكرهني عندما اصطدم في نفسي بهذا الكائن ! وكم هو قوي ، لا يتهزمه الغيبوبات الكبرى : الشعر ، الحب ، الانخطاف او الارتماء ...
اللاشعر هو كل ماليس سخاؤه ؟

*

تخطي الذات يشابه أحياناً التنكُّر للذات . الفرق في الرجل ، على كل حال .

*

ليس ما تقول هو ما أرفض بل أنت
كلامك ضحيتك .

*

لا أستطيع أن أمنع الناس من أن يشهروا ألقابهم بعضهم على بعض . انهم يموتون من أجل اللقب
ولكني لم أصادف إنسانا جوهريا إلا كان يخجل حتى باسمه العاري من كل لقب وكل صفة .



وكلما ازدادت أهمية الإنسان الجوهري ازداد حياؤه باسمه ( بل بوجوده) ، حتى يكاد أن لا يلفظه إلا همساً .

*

بعض الضحايا يبتهلون إلى الله أن يظلوا ضحايا ، لأن ذلك أكبر انتقام من جلاديهم عندما يحتاج هؤلاء يدورهم أن يكونوا ضحايا !

*

لا يكفي أنه ضحية ، بل إن كل جلاّديه كانوا غير الجلادين المناسبين له ...

*

التعلق بالقيم الجماعية يمنحك طمأنينة الأخلاق التقليدية وضجرها .
الإيمان بالقيم الفردية ينتشلك من رتابة الأولى ، ويوقعك في الفرا غ ...

*

ومن اللطف ما خنق عبقرية صاحبه !

*

تيهي عليك يأس منك لا فخر بذاتي

*

هل من ينتبه إلى الجلال الذي في الوهن ؟

*

لا يحتمل دوي الدموع الصامتة !

*

ما إن تطمئن إليهم حتى يصيروا لك أعداء

*

يحسب بعضهم أن البطش هو القدرة كما يظن آخرون أن الموجة هي الواقع .

*

الجاهل لا يرتبك

*

يدفع الفشل إلى الشر ، والشر إلى النجاح
لا تتأمل كثيراً في هذه الجملة
ولا في عكسها .

*

أكره نرجسية الأخر لأنها "طبعاً، تعكر علي استمتاعي بنرجسيتي ، ولكن أيضا لأنها تريني ، خلال مشاهد الآخر ، كم أنا مثله وأسوأ منه .

لا يحب النرجسي من المرايا غير تلك المفردة ، العازلة ، تعكس له صورته وحده ولا تذكره بوشائج أو روابط تنشز عليه أنغم طقوس العبادة التي يقيمها لذاته في وتيرة رتيبة ، سقيمة ، مضجرة إلا في حالة واحدة : عندما يشرق من هذا الإدمان نور يغسل المتفرج ، فيصيبه غرام بهذا النرجسي بدل أن يصاب بالغثيان .

إنه نور الشعر ، في أي شيء كان .
لا تحب النرجسية إلا في ثمار الشعراء لأن الآخرين يجدون نرجسيتهم فيها أجمل مما وجدوها في مراياهم .

*


يعلف أنانيته ليأكلها .
*


من يصنِّفك يقتلك

*

ينتشي أيضا من عجزه ، ويرتعش كأنما بنسيم السعادة .

*

ليس ضائعا في الكون الهائل بل في دماغه الصغيرة

*

سلمت لك بالحرية لأني لم أستطع تكوينك على ذوقي
حرية العجز عن الاستبداد

*

بعض الرجال لا يبدو إنسانيا إلا عندما يمارس ظلمه

*

أنا اثنان : واحد يسقط وأخر ينفصل عنه يقرِّعه ، ينوح عليه أو يقهقه منه .
وأكون وحيدا وحيدا عندما يتحد الاثنان .

*

ابتسامة الآخر تحبُّك ، ضحكته تحبه هو
اتبسامة الأخر تضمك ، ضحكته تبقيك في جسدك
الفرح حالة غامرة إلى درجة الخشوع لا الضحك
الفرح ،كتوأمه الحزن ، هو أكثر من يكره الحركة .

*

في الابتسامة أم .